العلاقة بين القهوة والمزاج والتركيز: كم كوب يكفي؟
كوب القهوة اليومي… متى يصبح علاجًا ومتى يتحول إلى عبء؟
القهوة ليست مجرد مشروب صباحي يُوقظ الحواس، بل هي طقس يومي يجمع بين المتعة والانتعاش والتركيز. منذ مئات السنين، كانت القهوة رفيقة العلماء والمفكرين والفنانين، واليوم أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الملايين حول العالم.
لكن يبقى السؤال الأهم: ما العلاقة بين القهوة والمزاج والتركيز؟ وكم كوبًا يكفي للاستفادة دون أضرار؟
القهوة… أكثر من مجرد “كافيين”
عندما نتحدث عن القهوة، أول ما يتبادر إلى الذهن هو الكافيين، وهو المادة الفعالة التي تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي المركزي.
لكن القهوة تحتوي أيضًا على مئات المركبات النباتية الأخرى مثل مضادات الأكسدة، التي تلعب دورًا مهمًا في حماية خلايا الجسم والدماغ من الالتهابات والإجهاد التأكسدي، ما ينعكس على تحسين المزاج والوظائف الذهنية.
كيف تؤثر القهوة على التركيز والانتباه؟
الكافيين يعمل عن طريق منع مستقبلات مادة الأدينوزين في الدماغ، وهي المادة المسؤولة عن الإحساس بالتعب والنعاس.
وعندما يمنع الكافيين هذه المستقبلات، يشعر الشخص بزيادة في اليقظة والانتباه والتركيز.
ولهذا نجد أن كوب القهوة في الصباح — أو أثناء العمل — يساعد على:
-
تحسين سرعة رد الفعل.
-
تعزيز التركيز أثناء المهام الطويلة أو المجهدة.
-
زيادة القدرة على الاستيعاب والتفكير المنطقي.
-
تقليل الشعور بالإرهاق الذهني.
ولذلك يعتمد عليها كثيرون قبل الاجتماعات أو المذاكرة أو القيادة لمسافات طويلة.
القهوة والمزاج… سر السعادة في فنجان
تأثير القهوة لا يتوقف عند التركيز فقط، بل يمتد إلى تحسين الحالة المزاجية.
فالكافيين يحفز إفراز هرمونات السعادة مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يمنح شعورًا بالراحة والنشاط الإيجابي.
بل أثبتت بعض الدراسات أن تناول القهوة باعتدال قد يقلل خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى 20–30% مقارنة بمن لا يشربونها.
ليس غريبًا إذًا أن نرى كيف تتحول لحظة احتساء القهوة إلى لحظة “راحة نفسية”، سواء كانت في الصباح الباكر أمام نافذة مشرقة أو في جلسة هادئة بعد يوم طويل.
كم كوبًا من القهوة يكفي في اليوم؟
الجواب يعتمد على عوامل مثل العمر، الوزن، الحالة الصحية، ومستوى التحمل للكافيين، لكن الدراسات العلمية تشير إلى أن:
الكمية المثالية هي من 2 إلى 4 أكواب يوميًا (أي حوالي 200 – 400 ملغ من الكافيين).
هذه الكمية تحقق التوازن بين اليقظة الذهنية والمزاج الجيد، دون أن تسبب أرقًا أو زيادة في ضربات القلب.
أما تجاوز هذا الحد فقد يؤدي إلى توتر، قلق، أرق، أو صداع لدى بعض الأشخاص.
متى تصبح القهوة ضارة؟
على الرغم من فوائدها، إلا أن الإفراط في تناول القهوة قد يؤدي إلى:
-
زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم.
-
تأخر النوم أو الأرق خصوصًا إذا تم تناولها بعد المساء.
-
تأثير سلبي على امتصاص الحديد والكالسيوم إذا شُربت مباشرة بعد الوجبات.
-
اعتماد نفسي بسيط يجعل البعض لا يشعر بالنشاط إلا بعد الكوب الأول صباحًا.
ولذلك يُنصح بالتوقف التدريجي في حال الاعتياد الزائد، وعدم تناولها قبل النوم بـ 6 ساعات على الأقل.
نصائح للاستفادة القصوى من القهوة:
-
اشربها بعد الإفطار وليس على معدة فارغة.
-
استخدم القهوة العربية أو المفلترة بدلًا من القهوة الفورية الغنية بالإضافات.
-
قلل من السكر والمبيضات الصناعية قدر الإمكان.
-
جرب أحيانًا القهوة منزوعة الكافيين إذا كنت حساسًا للمحفزات.
-
لا تنسَ أن كوب الماء بجانب القهوة يساعد على ترطيب الجسم.
💬 خلاصة القول:
القهوة يمكن أن تكون صديقك المثالي إن تعاملت معها بذكاء.
هي تمنحك صفاء الذهن، ودفعة من الطاقة، ولمسة من السعادة، لكن بشرط ألا تتحول من عادة جميلة إلى إدمان صامت.
فاجعل كوبك اليومي لحظة وعي ومتعة، لا وسيلة هروب من التعب.
واكتفِ بثلاثة أكواب على الأكثر، فكل رشفة بعد ذلك… ربما تفقدك أكثر مما تمنحك.



